crossorigin="anonymous">

الخطط التطويرية المبنية على احتياجات المدرسة.. هل تحسن جودة التعليم؟

مشاركة

مؤاب -  في وقت تعد فيه الخطط التطويرية، المبنية على احتياجات المدرسة الفعلية، من أهم عوامل تحسين جودة التعليم، أكد خبراء في التربية والتعليم أن على المدارس مراجعة خططها، انطلاقا من الرؤية والرسالة اللتين تعمل عليهما، وفق الأولويات المتعلقة بتطوير العملية التعليمية، لضمان نهوض فعال ومستدام للتعليم برمته.

وحدة جودة التعليم في وزارة التربية والتعليم التي نفذت 503 زيارات تقييمية للمدارس، بين 10 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي و16 أيار (مايو) من العام الحالي، وقفت على مدى جودة أدائها في ضوء مؤشرات 20 مدرسة منها، في نطاق مجالات التقييم الأربعة: التعلم والتعليم، بيئة الطالب، المدرسة والمجتمع، القيادة والإدارة.
وبينت نتائج تحليل الزيارات التقييمية للمدارس خلال العام الدراسي (2023-2024) المنشورة على موقع الوزارة الإلكتروني مؤخرا، قوة مستوى أداء تلك المدارس في إطار المؤشرات الآتية: تركيز المدرسة على بناء قيم واتجاهات إيجابية عند الطلبة؛ تمثيل طاقم المدرسة/ أنموذج قدوة للطلبة؛ توافر فرص للقيادة التشاركية للعاملين بالمدرسة؛ نشر ثقافة التوقعات الإيجابية والعالية في مجتمع المدرسة، وتبني المدرسة منهجية اتصال مؤسسي.
نتائج التحليل، أظهرت وجود قضايا جوهرية، أثرت سلبا على أداء المدارس التي جرت زيارتها، ومن بينها أن هناك 54 % منها كان مستوى أدائها ضعيفا ومتدنيا وفق مؤشر انطلاق جميع أنشطة المدرسة من رؤيتها ورسالتها بواقع 270 مدرسة، فهذه المدارس لا تعد خطتها التطويرية وفق حاجتها الفعلية، ولا تنطلق أنشطتها من أولوياتها التطويرية، ولا تقوم بعملية المراجعة الذاتية على نحو ملائم.
مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي بالوزارة سابقا د. محمد أبو غزلة، قال إن التطور فرض على المؤسسات الراغبة بالتميز في تحقيق أهدافها، تبني التخطيط منهجا لها.
وبين أبو غزلة، أن التخطيط ووضع الخطط التطويرية في المدرسة والانطلاق منها لتجويد التعليم، هو الشريان الذي يغذيها ويوفر لها الطاقة والحيوية والقدرة على الاستمرار والحياة.
وأشار إلى أهمية مراجعة الخطط التطويرية للمدرسة ودورها بتحسين جودة التعليم، التي تعد الأساس لتحقيق تقدمها في تحقيق أهدافها، وهي أيضا العامل الذي يسهم بتحديد رؤيتها ورسالتها وأهدافها عن طريق تحديد ووضع استراتيجيات وبرامج وأنشطة فعالة، لتعزيز أداء طلبتها الأكاديمي والاجتماعي والجوانب الإدارية فيها.
وأوضح أبو غزلة، أن بناء الخطة التطويرية المدرسية، يوفر جهود المدرسة ومواردها، ويحقق أهدافها، ويعزز التعاون بين المعلمين والإداريين وأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع، بإيجاد بيئة تعليمية متكاملة، تدعم تطوير الطلبة وتلبي احتياجاتهم، وتعزز الإبداع والابتكار في طرق واستراتيجيات التدريس والتعلم، وترسي معايير لقياسها، ما يسهل التقييم والتطوير المستمر والمساءلة، إلى جانب وضع خطة تطويرية للمدرسة ومراجعتها، تمكن من الاستجابة الفاعلة للمستجدات التقنية والتربوية، وتوجيه الجهود لتحسين جودة التعليم واستدامته.
وبين أن ما كشفه التقرير، يشير إلى غياب عنصر أساس من عناصر المنظومة التعليمية، وهو أن 54 % من هذه المدارس بواقع 270 مدرسة، كان أداؤها ضعيفا ومتدنيا ضمن مؤشر انطلاق جميع أنشطة المدرسة من رؤيتها ورسالتها، فهذه المدارس لا تعد خططها التطويرية وفق حاجاتها الفعلية، ولا تنطلق أنشطتها المنفذة من أولوياتها التطويرية، ولا تقوم بمراجعة ذاتية على نحو ملائم.
ولفت إلى أن غياب عنصر بناء الخطط ومراجعتها وفق الاحتياجات الفعلية للمدرسة، ينتج آثارا سلبية، تؤثر على جودة التعليم وأداء المدرسة التي إذا ما افتقرت لتقييم دوري لخطتها، تغدو استراتيجيات عملها غير فعالة، ما يؤدي إلى عدم تحقيق أهدافها.
وأكد أبو غزلة، أن على المدرسة مراجعة خطتها انطلاقا من رؤيتها ورسالتها، وفي إطار أولوياتها لتحقق تطويرا فعالا ومستداما في العملية التعليمية، فتحديد المدرسة لأولوياتها واحتياجاتها التطويرية، يمكنها من تسخير مواردها وجهودها نحو المجالات الأكثر احتياجاً للتطوير، بخاصة للبرامج والممارسات التعليمية التي تلبي احتياجات المجتمع المدرسي على نحو أفضل.
وأشار إلى أن المدرسة التي تبني خططا جديدة وفقا لمراجعتها، تستطيع تقديم تغذية راجعة لتطوير محتوى المناهج والكتب المدرسية، وبرامج تدريب المعلمين لتحسين ممارساتهم التدريسية، وتنويع استراتيجيات وأساليب وأدوات تقويم الطلبة، كما تتيح تقديم تغذية راجعة لصانعي السياسة التعليمية ومتخذي القرار للاستفادة من تعديل الخطط والبرامج  الداعمة للتعلم وتجويده.
واعتبر أبو غزلة، أن المدرسة التي تعنى ببناء خطتها ومراجعتها، قادرة على تحديد  مسارها وتوجهاتها وطموحاتها المستقبلية للمجتمع المدرسي، لامتلاكها القدرة على توجيه جهودها على نحو فعال نحو تحقيق أهداف تعليمية محددة، تسهم بتحسين جودة التعليم والتفاعل مع المجتمع المحلي.
وقال، إن الخطة التطويرية للمدرسة، أداة حيوية لتحقيق جودة التعليم بصفتها خريطة طريق لها في تحديد أهدافها واستراتيجياتها، وعبر أطر زمنية لكل فعاليات التعليم المدرسي، وقادرة على توظيفها في فعالية التخطيط والإدارة، ما يضمن أن تتماشى الأنشطة والبرامج في خطتها مع الأهداف التعليمية والتنموية.
وأكد أبو غزلة أن رؤية المدرسة ورسالتها وأنشطتها النابعة من حاجاتها الفعلية، تمكن من متابعة تقدم المدرسة وإجراء التعديلات وفقاً للنتائج المتحققة، ما يؤدي لتحسين أداء طلبتها في مختلف الجوانب، وتحسين جودة التعليم.
وشدد على ضرورة أن تراجع المدرسة خطتها التطويرية ورؤيتها ورسالتها وأنشطتها، لتنطلق منها في بناء خططها، وتحديد أولوياتها، لتوفر أساسا قويا وموجها لفعالياتها، انطلاقا من رؤيتها ورسالتها، لأنهما يحددان أهدافها، ويسهلان تطوير استراتيجيات تعليمية، تركز على احتياجات الطلبة، وتعزيز نتائج جيدة للطلبة.
وأشار إلى أهمية أن تقيم المدرسة مدى فعالية الاستراتيجيات المطبقة، وتحديد ما إذا كانت النتائج المرجوة قد تحققت، فالمراجعة ستفيدها في التعرف على نقاط القوة والضعف، ما يمكنها من تعديل محتوى الخطة وإجراءاتها، لتعزيز ثقافة التعلم المستمر بين المعلمين والإداريين، وتبادل الآراء والخبرات بينهم لتطوير ممارسات تعليمية أفضل.
وبين أن المراجعة للخطة التطويرية للمدرسة، تجعلها قادرة على التميز والاستجابة للتحديات، داعيا القائمين على متابعة المدارس لضرورة متابعة هذه الفعالية الرئيسية في العمل التعليمي، ومساعدة إدارات المدارس على القيام بها، لأثرها بتحسين جودة التعليم.
وشاطره الرأي، المستشار التربوي فيصل تايه، الذي قال إن التنمية التعليمية شرط أساسي للتنمية البشرية، لذلك ينعكس الأخذ بفكرة التخطيط التعليمي على طبيعة الأداء، ما يتطلب بناء خطة تطويرية بوصفها ضرورة حياتية وتنموية تحتمها الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الساعية للازدهار.
وأكد تايه، أن المدرسة مركز التغيير وقاعدة التطوير، مما يوجب إعداد برامج تطويرية لإحداث تحسينات في الممارسات الإدارية، بخاصة القيادة والتخطيط والتنظيم والإشراف التربوي والرقابة والتقويم، للحصول على أفضل المخرجات المدرسية، وهذا ما دفع الوزارة لتنفيذ برامج تطويرية عديدة، ركزت على القيادة المتمحورة حول الطالب، والجانب التطبيقي والممارسات العملية والشراكة المجتمعية وفق حاجات واقعية للمؤسسة التعليمية، ما حقق تحسن القدرات والأدوار القيادية للمشرفين التربويين ومديري المدارس، وسهل قيامهم بأدوارهم بكفاءة عالية.
وأشار تايه إلى أن الوزارة أعدت نظاما للتطوير مبنيا على المدرسة، يتمثل برامج لتطوير المدرسة والمديرية، تتكون من برنامجين فرعيين؛ الأول خاص بتطوير المدرسة، يشتمل على 4 مجالات: التعلم والتعليم، بيئة الطالب والمدرسة والمجتمع، القيادة، والإدارة وتطوير مديرية التربية، ويتكون الأخير من 3 مجالات: دعم التعلم والتعليم، المجتمع والمديرية، وإدارة الأداء والقيادة.
وتبعا لهذا البرنامج، تبنى خطة تطويرية للمدرسة وإجرائية تابعة لها، تهدف لتحسين التعلم والتعليم، بناء على أسس علمية مدروسة ومراجعة ذاتية لمجتمع التعلم في المدرسة وأولياء أمور الطلبة، بحيث تحسن الخطة ممارسات التعليم في المدرسة، ويشكل فريق تطوير المدرسة لهذه الغاية برئاسة مدير المدرسة و4 منسقين للمجالات الأربعة وعضوية المعلمين.
وأوضح تايه، مع بداية العمل بهذه الخطة لكل مدرسة، تنفذ المراجعة الذاتية للوصول إلى الأولويات التطويرية للمدرسة، بمشاركة مجتمعها، إذ تؤخذ عينات من المجتمع المدرسي للإجابة عن أدوات (استبانات) خاصة بهم، ومناقشة سجلات المدرسة وزيارات مديرها للمعلمين وملاحظات المشرفين، وتحليل نتائج تحصيل الطلبة، والهدف من ذلك هو التقييم الذاتي للوقوف على واقع المدرسة وحاجاتها ونقاط قوتها وضعفها لمعالجتها، وتحسين ممارساتها التربوية، بما يعود بالنفع على تحسين مستوى تحصيل الطلبة، ليصار بعدها إلى تحليل البيانات الناشئة من المراجعة الذاتية وتحويلها إلى نتائج، ومن ثم تناقش مع فريق تطويرها للوصول للأولويات التطويرية للمدرسة.
وأكد تايه أن كل مدرسة تهدف في خطتها التطويرية إلى تحويل الأولويات التطويرية إلى نتاجات نهائية إيجابية، تكون جزءا راسخا من منظومة داعمة لتعلم الطلبة وتحسن أدائهم وتحصيلهم، وبناء مدرسة مؤسسية ومجتمع تعلم مستدام.
الخبير التربوي عايش النوايسة، قال إن تطوير المدرسة وبناء خطتها يعتمدان على منهجية التقييم الذاتي من مجتمع المدرسة، مبينا أن هذا التقييم يحدد نقاط القوة والضعف بناء على مؤشرات المدرسة، المحددة في إطار برنامج تطوير المدرسة والمديرية، ومن ثم تناقش لتصنف الحاجات إلى أولويات، بحيث تعتمد على مدى انعكاسها على التعلم والتطوير، وتأثيرها على تحصيل الطلبة، ليصار بعدها لاشتقاق النتائج، بناء على احتياجات المدرسة، فتصاغ بعدها الرؤية والرسالة المدرسية، لتحدد بعدها النتائج وفقها.
وأكد النوايسة، أن هذه الخطط التطويرية ذات تأثير كبير على التطوير والتحسين المدرسي، معتبرا المنبية منها على احتياجات المدرسة الفعلية، من أبرز عوامل تحسين جودة التعليم، بخاصة حين تستند هذه الخطط إلى تحليل دقيق للاحتياجات الواقعية للمدرسة.
ولفت إلى أن هذا النوع من التخطيط، يسهم برفع مستوى التحصيل الأكاديمي للطلبة، ويعزز من تجربة التعليم، ما يؤدي إلى نتائج إيجابية، تعود بالنفع على الطلبة والمعلمين والمجتمع.

الكلمات المفتاحية