crossorigin="anonymous">

عضو بلجنة الكشف على مبنى إربد: طوابق اضيفت على اخرى قائمة منذ 40 عاما

مشاركة

مؤاب - كشف عضو اللجنة الإنشائية العليا، خبير ورئيس اختصاص تقييم وسلامة المنشآت القائمة وإعادة تأهيلها، الأستاذ الدكتور أنيس الشطناوي، عن المؤشرات التي رصدت خلال الكشف الفني على المبنى والتي كانت واضحة في دلالاتها، وفق ما قال.

وبين الشطناوي لـ عمون، أنه ظهرت أعراض هبوط وتشققات مقلقة في عناصر إنشائية رئيسية، ترافقت مع ميلٍ في هيكل المبنى، وظهور علامات ضعف في بعض الأعمدة والجدران، وأصوات متكررة لتكسر وتشظّي للعناصر الخرسانية الرئيسية.

وأضاف، انه تبيّن من خلال المعاينة الحسية أن المبنى قد خضع سابقًا لأعمال توسعة، وإضافة طوابق جديدة على طوابق قائمة منذ 40 عامًا، وعلى ما يبدو، تمّ ذلك دون دراسة إنشائية دقيقة ومتكاملة، أو تقييم حقيقي لقدرة الأساسات والعناصر الإنشائية على تحمّل الأحمال الجديدة، ما يمثل خرقًا لأبسط قواعد التصميم الهندسي ومعايير السلامة الإنشائية.

وكشفت المعاينة بحسب الشطناوي، عن تدنٍّ ملحوظ في جودة التنفيذ والمصنعية والمواد، وغياب واضح لتنفيذ المشروع من قبل مقاول مؤهل حسب الأصول الهندسية، وضعف أو غياب للدور الفعلي للإشراف الهندسي الحقيقي. وهو أمر، للأسف، يتكرر في كثير من المشاريع، حيث تتحوّل الإجراءات والمتطلبات الهندسية إلى إجراءات شكلية، لا تعكس معناها الحقيقي في ضمان الجودة والمطابقة للمخططات والكودات والمواصفات الفنية.

ولوحظ وجود تهالك وتلف في شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار حول المبنى، ما تسبّب في تسربات مائية مستمرة إلى الأساسات والقواعد في الجهة الشرقية منه، مع منطقة تمتاز بضعف التربة وطبيعتها الطينية، وهو عامل ساهم، بمرور الوقت، في إضعافها وهبوطها وحركتها غير المحسوبة، وأدّى إلى تصدّع العناصر الخرسانية، مع تآكل حديد التسليح وانخفاض كفاءتها الإنشائية، وزيادة في الأحمال دون حسبان.

وقال الشطناوي، إنه كان حاضرًا منذ اللحظات الأولى بصفته عضوًا في اللجنة الإنشائية العليا، وخبيرًا في تقييم وسلامة المباني والمنشآت القائمة، وشارك ميدانيًا مع اللجان الفنية المختصة في الكشف على المبنى وتقييم حالته الإنشائية قبل ساعات من الانهيار.

وأوضح أنه لا يمكن التعامل مع هذا الحادث كواقعة فردية، أو خلل معزول، أو حادث عرضي، بل هو نتاج لتراكمات طويلة، يشوبها قصور في ضبط منظومة البناء في الأردن، بدءًا من ضعف في أنظمة الرقابة على مراحل التنفيذ، مرورًا بالتنفيذ من قبل المتعهدين الطارئين وغير المؤهلين، ووصولًا إلى تساهل في التدقيق على الدراسات التصميمية والتقارير الجيوتقنية ودقة الفحوصات المخبرية، والإشراف الهندسي الصارم أثناء التنفيذ، وأخيرًا فوضى في معايير التنفيذ الإنشائي من قبل أشخاص أو مجموعات طارئة على المهنة، هدفها التكسب المالي السريع، دون أي اعتبار للسلامة الإنشائية والسلامة العامة.

وقال إن ما حدث اليوم يؤكّد – بشكل لا يقبل الشك – أن الوقت يلاحقنا دون انتظار، لإعادة النظر جذريًا في منظومة التفتيش الهندسي وآليات الرقابة على الإعمار، والمزيد من التشدد في تطبيق معاييرها. نحن بحاجة إلى رقابة حقيقية على أرض الواقع، لا تقتصر على مراجعة الأوراق والمخططات فقط، بل تمتد إلى متابعة مراحل التنفيذ ميدانيًا، وتدقيق إجراءات الإشراف، والتحقّق من أهلية المنفّذين وتراخيصهم، وإخضاعهم لتراخيص فنية ملزمة، تُجدد دوريًا بناءً على تقييم الأداء.

كما أن من الضروري فرض إجراء دراسات تقييم إنشائي لأي مبنى قائم، مهما كان حجمه، وقبل إجراء أي تعديل أو إضافة عليه، خاصةً إن كان قد بُني في حقب سابقة وفق كودات قديمة أو بأساليب تنفيذ بدائية. ويجب أن تكون تلك الدراسات إلزامية دون أي تهاون، ومصدّقة من جهات فنية مختصة، وتُرفق بتقرير فني يوضّح نتائج الفحوص الإنشائية، والسلامة الهيكلية، وخطة العمل المنهجية.

وأكد أن الله جنّبنا اليوم مأساة إنسانية، بفضل يقظة وجهود الجهات المعنية، التي تعاملت مع الحادثة بمهنية عالية وسرعة استجابة مشكورة. لكن الإنذار قائم، والرسالة واضحة: لا بدّ من تغيير حقيقي في ثقافة البناء والتطوير العمراني في الأردن. فسلامة الإنسان، ومتانة المنشآت، لا تُؤمَّن بالنوايا الحسنة، بل بمنظومة هندسية ورقابية متكاملة، تضع السلامة العامة فوق أي اعتبارات أخرى.

ودعا الشطناوي جميع الجهات المختصة إلى أخذ هذه الحادثة دون انتظار، كنقطة تحول تُترجم إلى تشريعات عملية وإجراءات ميدانية صارمة، تمنع تكرار مثل هذه الانهيارات في المستقبل، وتحافظ على أرواح المواطنين، وتحمي الممتلكات الخاصة والعامة، وتدعم الاقتصاد الوطني وتحافظ عليه، والذي يتكئ في جوهره على بيئة عمرانية آمنة ومستقرة.

-عمون

الكلمات المفتاحية