مؤاب - صرح الدكتور محمد حسن الطراونة، عضو مجلس نقابة الأطباء ورئيس لجنة الشكاوى، أن الأخطاء الطبية تمثل ظاهرة عالمية وليست حكراً على أي بلد، محذراً من محاولات تشويه سمعة الأطباء الأردنيين لأغراض لا تخدم المصلحة الوطنية. هذه المقالة موجهة إلى أولئك الذين يظنون، جهلاً، أن الطبيب الأردني قد يتعمد ارتكاب خطأ يؤدي إلى وفاة المريض، بينما هي من بديهيات العمل وحتمياته.
حقائق عالمية حول الأخطاء الطبية
فيما يتعلق بالدراسات العالمية حول الأخطاء الطبية، أوضح الدكتور الطراونة أن "دراسة أجراها الطبيبان الأمريكيان مارتن ماكاري ومايكل دانيال من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، كشفت أن الأخطاء الطبية هي السبب الثالث للوفاة في الولايات المتحدة، حيث تسببت في وفاة 251 ألف شخص سنوياً، مما يجعلها تحتل المركز الثالث في الوفيات بعد أمراض القلب والسرطان."
وأضاف أن هذه الدراسة، التي نشرت في "بريتش ميديكال جورنال" (British Medical Journal)، وأجريت في الفترة من عام 2000 حتى 2002، أكدت أن هذه الأخطاء تشمل سوء التشخيص، والخطأ في خطة العلاج، والجرعات الزائدة من العقاقير، ومشاكل في الاتصالات داخل أقسام الخدمات. وأشار إلى أن الصورة في عام 2013 كانت مطابقة للوضع في عام 2000، مما يدل على عدم إحراز تقدم كبير في تفادي هذه الأخطاء في الولايات المتحدة.
ولفت الدكتور الطراونة إلى أن هذه الأخطاء لا تظهر في الإحصاءات الرسمية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لأن شهادات الوفاة لا تتضمن خيارًا لتسجيل "الخطأ الطبي" كسبب للوفاة، بل تسجل السبب الفوري مثل فشل الجهاز التنفسي أو تعفن الدم.
واستشهد الدكتور الطراونة بإحصاءات مماثلة في فرنسا، حيث أكدت جمعية "لوليان" المسؤولة عن الدفاع عن المرضى أن عدد الوفيات المرتبطة بالأخطاء الطبية يصل إلى 50 ألف حالة سنوياً من بين 15 مليون مريض، مما يجعلها السبب الثالث للوفاة بعد أمراض السرطان والقلب. كما كشفت منظمة الصحة العالمية أن حالات الوفاة السنوية في فرنسا نتيجة الأخطاء الطبية تتراوح بين 10 آلاف و30 ألف حالة، وأن هذه الأخطاء تشمل عمليات زراعة الأعضاء وعمليات الانتحار، مطالبةً بنشر المعلومات عن أسباب الوفاة الحقيقية. وقد طالبت الوكالة الوطنية للأمن الصحي والعقاقير الطبية الفرنسية بإجراء دراسة شاملة في سبتمبر 2017 لكشف نتائج الأخطاء الطبية على المرضى في المستشفيات.
الطبيب الأردني.. كفاءة مشهودة وحملة غير مبررة
وفي حديثه عن الوضع المحلي، أكد الدكتور الطراونة على أن "الأطباء الأردنيين هم أكثر الأطباء شهرة في العالم الغربي، خاصة في بريطانيا وأمريكا، وهؤلاء مؤمنون بكفاءة الطبيب الأردني. وفي بريطانيا بالذات، يكون الطبيب الأردني على رأس قائمة الانتظار للعمل في المستشفيات ويفضلونه على أطباء باقي الدول."
وأضاف أن كفاءة الطبيب الأردني مشهودة ولا أحد ينكر ذلك، والدليل أن مستشفيات دول الخليج وكل دول العالم لا تكاد تخلو من طبيب أردني، وغالباً ما يحتلون مواقع إدارية أو علمية متقدمة.
وحذر من "حملة منظمة" تستهدف الأطباء الأردنيين عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بهدف زعزعة ثقة المواطن الأردني بطبيبه. ووصف هذه الحملة بأنها جزء من مخطط أوسع يهدف إلى "إفراغ الوطن من ثرواته العقلية، أو ما يطلق عليه الأوروبيون 'الذهب السنجابي' (Grey Gold)". وأشار إلى دور "القطاع الطفيلي" من تجار البشر والمعتاشين على السياحة الطبية، والذين يشجعون الأردنيين على الذهاب للعلاج في الخارج من أجل مصالحهم الشخصية.
وختامًا، دعا الدكتور الطراونة المواطنين إلى اليقظة قائلاً: "فاحمدوا ربكم يا أردنيين، فكل العالم يحسدكم على ما تملكون من ثروات بشرية ويريد أن يسلبها منكم. هناك طريقة يسلكها الخبثاء للاستيلاء على ما لديك، وهي إظهار عيوب وهمية لما تملك ليجعلك تتخلى عنه أو تنبذه، ليتولى عليه بعدك، وهذا ما يحصل في الأردن. فأخر ثروة لم يسلبوها نهائياً هي ثروة العقول، وعلى رأسهم الأطباء."