كتب : الدكتور محمد حسن الطراونة
لم اكتب يا تموز منذ شهر منتظرا قدوم ايلول، لم أكتب لأنّ الأشياء لم تعد مفهومة، أو قابلة للتّفسير، وأنا لستُ مهتمًّا بتفسيرها، فقط ألوّح للحياة عاجزًا عن فعل الأشياء، ألوّح باستسلامٍ لهذا العالم المجنون، المجنون أكثر مما اعتقدت بكثير ..،
أحاول أن أقتل وحدتي بالكلمة، الكلمة التي تُعدّ مصدر قوّتي، أحاول منذ أمد التّاريخ أن أكتب عن سرّ هذا العالم، أن أحصّل لغتي، أن أكتب دون توقّف، لكن تاهت لغتي، وذُبحت كلماتي، والحروف انتحرت من حلق حنجرتي..،
أبحث بين مفرداتي عن جيم الجواب لأسئلتي، وحاء الحبّ المفقود بين بذائة العالم القذر، وراء الرّحيل لأرتاح من معضلتي، أبحث عن كلّ حروفي، أبحث عن لغتي لكي أضيء سرداب ذاكرتي المأهول بالأشباح والعفاريت والجن
أجلس على فراشي، فراش القلق المتهالك، منذ مدّةٍ لم تُحصى، مكان ملائم لجسدي، يشبهني واشبهه ، اشبه بعشتار الذنب الذي لا يُغتفر، وشيخوختها الظّاهرة، كلّ شيءٍ يتكون منه سريري هو أنا، لغته المفقودة، …
احتاج !!،وكم هي كثيرةٌ احتياجاتي،
أحتاج لغتي التي أفقدها شيئًا فشيء، أحتاج أن أبدوَ رجلًا عاقلًا يعرف معنى الحياة..، أحتاج أن أجعل الأشياء واضحةً قابلةً للقياس، أن يفهم سريري أنّني لم أعد أستطيع أن أبقى لحظةً أخرى فوق القلق،أن أهربَ من خوفي المتواصل، وأن أسرق الفوضى، وأعيش كما أريد، أنام عندما أريد وآكل وقتما أريد، وأصمت بقدر ما أريد، أريد أن أُحصَّن ضد هشاشتي المتواصلة وأن أعيش مرةً واحدةً في حياتي.
كُتبَ هذا النّص في يوم ما في عمان في منتصف ذاكرتي