crossorigin="anonymous">

كيس الرياطي.. هل يتبعه حل النواب أم حل الجبهة؟ بقلم: زيدون الحديد

مشاركة

مؤاب - في الأزمات السياسية الكبرى، لا يمكن قراءة الأحداث بمعزل عن سياقها العام ولا عن ترابط خيوطها المتشابكة، فقضية النائب حسن الرياطي وما أثير حولها حين خرج من مقر يتبع لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونيا في العقبة قبل أيام وهو يحمل كيس غير معلوم ما في داخلة، وتوقيفه قبل أن يتم إخلاء سبيله على ضوئها، لم تكن مجرد حادثة عابرة بقدر ما فتحت الباب أمام تساؤلات أعمق حول مستقبل المشهد السياسي، والخيارات التي قد تلجأ إليها الدولة لإعادة ضبط إيقاع الساحة الداخلية.

توقعات الجميع لم تتوقف عند حدود القضية ذاتها، بل امتدت لتطرح سيناريوهات سياسية واسعة، يتحدث بعضها عن حل مجلس النواب كخيار تقليدي استخدمته الدولة سابقا لإعادة ترتيب الأوراق وامتصاص احتقانات المشهد، فيما ذهب بعضهم إلى التكهن بإمكانية استهداف حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي السابق لجماعة الإخوان، باعتباره المظلة التنظيمية الوحيدة المتبقية للتيار الإسلامي المحظور.

إلا أنني أرى حتى اللحظة أنه لا توجد مؤشرات رسمية أو تصريحات توحي بأن هناك نية فورية لحل مجلس النواب، إلا أن مراقبة تطورات المشهد توحي بأن هذا السيناريو يبقى حاضرا في كواليس القرار.

 إن اشتداد التجاذبات تحت القبة، وتنامي حالة السخط الشعبي من أداء المجلس، فضلا عن تورط بعض النواب في قضايا أمنية أو تجاوزات سياسية واجتماعية، كلها عوامل تعزز من احتمالية التفكير بخطوة من هذا النوع، خاصة إذا ما كشفت قضية الرياطي عن ملفات أكبر أو تقاطعت معها أسماء برلمانية أخرى.

لكن في المقابل، لا يمكن اتخاذ قرار بحل المجلس بمعزل عن جملة حسابات دقيقة تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي والأمني، فالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة يتطلب توافر بديل سياسي جاهز قادر على ملء الفراغ، ووضع اقتصادي يسمح بإجراء الاستحقاق بسلاسة دون أن يفاقم من حالة الاحتقان، إضافة إلى قدرة الأجهزة على إدارة المشهد في ظل معطيات إقليمية ضاغطة.

أما بالنسبة لحزب جبهة العمل الإسلامي، فالوضع يختلف قانونيا وسياسيا، فالحزب ما يزال كيانا سياسيا مرخصا ومنفصلا تنظيميا عن جماعة الإخوان منذ عام 2015، ولا يمكن قانونا حله إلا في حال ارتكب مخالفات مثبتة تستوجب ذلك وفقا لقانون الأحزاب السياسية، وبما أن المقر الذي وقعت فيه الحادثة لا يتبع للحزب بل للجماعة المحظورة، فإن التأثير القانوني المباشر على الحزب يبدو محدودا حتى الآن.

 لكن سياسيا، قد تشهد المرحلة المقبلة تضييقا أو رقابة مشددة على نشاطات الحزب ومراقبة أدق لحراكه، وربما تلويحا بإجراءات إدارية أو قضائية إذا ثبت تداخله في أنشطة غير مرخصة أو ارتباطات تنظيمية مبطنة، وهذا حق للدولة لأنها تدرك أهمية الحفاظ على التوازن في إدارة المشهد السياسي، خاصة في ما يتعلق بتيارات الإسلام السياسي، بين ضرورة ضبط المخالفات ومنع استغلال الفضاء العام وبين الإبقاء على حالة سياسية مقبولة ومتوازنة أمام المجتمع الدولي.

بالمحصلة، يبدو أننا مقبلون على مرحلة تحولات حاسمة، قد تشمل إعادة ترتيب العلاقة مع تيارات الإسلام السياسي، وضبط البيت النيابي، وربما إعادة تنظيم المشهد الحزبي والانتخابي ضمن مقاربات جديدة تواكب المتغيرات الإقليمية والدولية، فالقضية التي بدأت بكيس من مقر في العقبة قد تكون بداية لسلسلة قرارات أوسع تهدف إلى تحصين الجبهة الداخلية وترميم الثقة بالمنظومة السياسية، فالأيام المقبلة وحدها هي الكفيلة بتأكيد اتجاهات هذا السيناريو من عدمه. 

الكلمات المفتاحية