خليل النظامي
من المعروف ان فلسفة الحكومات الاردنية منذ الأزل وقبل الشروع بـ إقرار نظام او قانون معين، تبدأ حملات اعلامية متخصصة في مضمون القانون المنوي اقراره عبر وسائل الاعلام ومن خلال الكتاب الصحفيين في الصحف الورقية وعبر البرامج التلفزيونية الحوارية الأكثر شهرة، كـ نوع من جس النبض، وسياسة تمهيد لـ رصد ردود الافعال الجماهيرية ثم البناء على معدل حرارتها.
ومنذ أسابيع وأنا اتابع الحملة الجديدة عبر وسائل الاعلام حول التعديلات المنوي اجراؤها على قانون الجرائم الإلكترونية والتي يشاع في الكثير من الاوساط الاعلامية والمتخصصة في هذا الشأن، أنها ستكون تعديلات لم يسبق أن طرحت على ساحة حرية ممارسة المواطنين لـ منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
وقبل الحديث عن مشروع التعديلات التي ما زالت حبيسة الأدراج ولم نطلع على مسودتها، أود الحديث عن مسألة الفرق بين الحرية الصحفية لـ الصحفيين وممارساتهم عبر وسائل الاعلام من جهة، وحرية ممارستهم عبر منصات التواصل الاجتماعي من جهة اخرى، وسأكون موضوعيا وحياديا في الطرح نظرا لـ الأمانة العلمية والمهنية.
والجدل في هذه المسألة محصور في نقطة معاملة المواد القانونية لـ الصحفي معاملة الفرد عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يحصر حرية الممارسة الصحفية عنده تحت مظلته الاعلامية في المؤسسة التي يعمل بها وينتسب لها في الوقت الذي تتمتع فيه السلطات المختلفة بـ أسهم وشراكة في معظم اقتصاديات المؤسسات الاعلامية المحلية، الأمر الذي يجعل دائرة حرية الممارسة الصحفية عند الصحفي شبه معدومة.
وبالتالي لا يجد الصحفي ملجأ متحررا سوى منصات التواصل الاجتماعي لـ ممارسة ما لم يستطيع ممارسته في المؤسسة الاعلامية التي يعمل بها ويتحكم بمخرجاتها الناشر او القائم بالاتصال المرتبط بـ سياسات المعلنين سواء من الجهات الحكومية او الخاصة، الأمر الذي يجعله دون حماية قانونية وفريسة سهله أمام قانون الجرائم الالكترونية وغيره من القوانين مع العلم أن ممارسة الصحفي تكون فكرية اخلاقية وتحمل في طياتها بعض من قوارص الكلام.
ومن البديهي أن مهنة الصحافة من المهن الخطرة فكريا والتي يعتبر ممارسيها قادة رأي في المجتمعات التي يعملون وينتمون لها، وهذا متعارف عليه في كافة مجتمعات ودول العالم، ما يتطلب منهم فطريا ومهنيا البقاء على مسافة قريبة من قضايا المواطنين من جهة وتوجهات السلطات من جهة اخرى، ومساحة غير محدود من حرية الممارسة الفكرية عبر استثمار كافة وسائل الاتصال لـ إحداث التنمية سواء كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية وغيرها.
وبما أن ممارسة الحرية الصحفية في المؤسسات الاعلامية مرتبطة بمخرجاتها بـ سياسات الشركاء والمعلنين سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، وبما أن الصحفي يعامل معاملة الفرد المجرد عبر منصات التواصل الاجتماعي في وجهة نظر القانون، وبما أن الصحفي يعيش في مناخ محكوم فيه عمله بـ مجموعة لا بأس بها من المواد القانونية، فـ ما هو اذا تعريف الصحفي والصحافة من وجهة نظر المطبخ السياسي الاردني، وهل نحن فعلا نمارس الصحافة بمفهومها العلمي والتطبيقي في الأدرن، أم أننا نمارس عمل موظفي العلاقات العامة ومندوبي الدعاية والاعلان، وهل نعتبر أصلا شركاء في بناء الدولة أم أن هناك رأي مختلف عند صناع القرار في الاردن.... أترك الإجابة لكم...!!!!!!